الأحد، 4 يناير 2009

محاولة فاشلة

هذه محاولة للقيام بتحليل لما يحصل حاليا في الحرب على غزة, وهو سيكون تحليلا فاشلا بنظر العديد – الحقيقة تجرح. حاليا هناك أزمة انسانية ... أو بالأحرى تفاقم لأزمة فالأزمة الانسانية كانت دائما موجودة تارة بحصار وتارة أخرى بصدام مسلح. السؤال الأهم الذي هو هدف هذا التحليل الفاشل هو : ما الحل لانهاء الأزمة الحالية ومنع سقوط المزيد من الضحايا ؟
أبدأ على صعيد الأطراف المتصارعة ...
الطرف الفلسطيني لديه خيارين : اما المقاومة المسلحة أو الاستسلام ووقف اطلاق الصواريخ.
الخيار الثاني لن يقوم به طبعا, بسبب عدم وجود أي وسيلة ضغط على المحتل لوقف المجازر بحق أهل غزة, العالم بعضه يدين وبعضه يبارك ولا أحد يسعى الى خطوات عملية, كقرار الزامي من مجلس الأمن لوقف اطلاق النار. اذا توقفت المقاومة الفلسطينية لا شيء يلوح في الأفق من جهة الاسرائيليين لوقف الصدام, لذلك في هذه الحالة ما من خيار آخر الى المقاومة, واذا كان هناك خيار آخر أمام الفلسطينيين غير انهزامي ويضمن حقوقهم, فليتفضل من يراه الى الساحة وليعلنه. الطرف الاسرائيلي باستطاعته وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة, والأكيد هو أن الصواريخ الفلسطينية سوف تتوقف بدورها, ولكن لا يبدو أن هذا الطرف مستعدا لذلك, فالهدف موضوع وهو ليس خاف طبعا وهو تحقيق انتصارات عسكرية لمآرب سياسية في الانتخابات الآتية ولن تتوقف الحرب حتى تحقيقه.


اذا" تبعا لتحليلي "الفاشل", انهاء الحرب الحالية والأزمة بشكل عام من قبل أحد الطرفين لا تبدو قريبة وربما مستحيلة, واذا كان من حل فهو في أي ضغط من المجتمع العالمي.
على الصعيد العالمي والعرب ... هل من حل يمكن أن نأمل به في الدول الأخرى حول العالم ؟
الحقيقة هي أن الدول منقسمة الى ثلاث مجموعات : فرقة تساند المحتل, وفرقة تساند المستضعف, وفرقة تقف على الحياد. طبعا بالنسبة للفرقة الأولى فهي لا يعول عليها لايجاد أي حل للأزمة الحالية ولا للصراع العربي الاسرائيلي, فالحل يكون في اعطاء الشعب الفلسطيني حقه, أعني بذلك طبعا الحق الكامل وأساسه قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة لا تكون دولة تابعة لاسرائيل, ولا سيما الحق الحالي والانساني والمتمثل برفع الحصار عن غزة. فاذا كانت الفرقة الأولى تساند المحتل وتدعمه بالكامل بل وحتى بعض الدول تصل الى حد التلازم في كل شيء معه, فتنطق أبواقها بأهوائه سواء كانت محقة أو باطلة, فمن المستحيل التعويل عليها للوصول الى تحقيق حل للأزمة.
أما بالنسبة للفرقة الثانية, فهي بمعظمها دول يوجد بينها وبين الغرب صدام سياسي يصل الى حد الأمني, منها جميع الدول المعادية للفكر الاستعماري الأميركي ومنها فنزويلا وايران وغيرها من الدول ... هذه الدول طبعا تندد بلهجة شديدة الجرائم التي تحصل بحق الفلسطينيين, لا سيما لفداحة هذه الجرائم مقارنة بخسائر الطرف الاسرائيلي. والسؤال : هل باستطاعتها أن تفعل أكثر من ذلك ؟
يقول العديد : لماذا لا تعمد هذه الدول لا سيما ايران الى التدخل العسكري لصالح الفلسطينيين ؟؟
والواضح هو أن هذا السؤال تافه ومغرض, لأنه ان فعلت ذلك تندلع حرب اقليمية وربما عالمية لا أحد يعلم ان كان العالم سيخرج منها سالما. وذات النتيجة تنطبق على كل الدول, فالتدخل العسكري من أي دولة أخرى أو أي طرف آخر سيدفع الى أزمة أخطر وأوسع. ولكن يبقى الخيار الاقتصادي ... وسأتطرق الى هذه النقطة فيما بعد.
الفرقة الثالثة لا يمكن الاعتماد عليها طبعا, فهي تفضل الحياد على أن تدخل في أدغال الأزمة.



اذا" الخلاصة هي أن أي خيار عسكري لا يؤدي بتاتا الى الحل لوقف الأزمة, بل هو يصب الزيت على النار فتغلي المنطقة أكثر وأكثر. ولكن الواقع هو أن هذا الخيار هو واحد بين خيارات عديدة أخرى, هدفها جميعها الضغط على المحتل أولا لانهاء هذه الحرب الحالية, وثانيا لانهاء الأزمة والصدام في المنطقة بشكل كامل وجذري. فما من حل يقضي بالضغط على المستضعف, وما من شريعة في العالم تقول بتنازل المستضعف لأن من يملك الخيرات هو القوي ومن يجب أن يتنازل ويتصرف باعتدال هو مغتصب الحقوق.
وهنا نصل الى النقطة المهمة جدا ... لماذا لا يقوم العالم, لا سيما الدول المساندة للمستضعف بالقيام بهذه الخيارات السلمية للضغط على المحتل ؟؟
في اليومين الماضيين هاجم العديد من الغاضبين الدول العربية لأنها لا تفعل شيئا, وما يلي لن يكون بتاتا في هذا السياق. أريد فقط أن أسائل تلك الدول التي هي ربما المساند الأول للقضية الفلسطينية وللحق المغتصب, والمساءلة هي حق لا أحد يسلبه. أولا حتى الآن لم أسمع الا القليل من الادانات الشديدة اللهجة, ففي هذه الحال الادانة المقتضبة تسبب الاحباط لكل من يغلي في الشارع بسبب المجازر التي ترتكب. سيقول البعض أن ذلك لم يحصل لأن حماس هي المسؤولة عما يحصل,وأنا لن أدخل في مناقشة جدوى أعمال حماس العسكرية في السعي الى رفع الحصار عن غزة, ولكني أقول لهؤلاء : هل الشعب الفلسطيني المحاصر مسؤول أيضا عما يحصل ؟ هل مجرد اختيار الشعب لحماس في الانتخابات يجعله مسؤوله عن أي عمل عسكري تقوم به حماس ؟ أنتم يا من تسمون أنفسكم مسلمين, ألا يقول الله في الكتاب من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس أجمعين ؟؟
المطلوب ليس التدخل العسكري, أي لن يخسر المسلمون فردا هنا من أجل احياء فرد هناك, المطلوب هو التضامن والضغط من أجل انقاذ أهل غزة في هذه الحرب, وفي كل المناسبات الطارئة في المستقبل.
اذا" فالتدخل السلمي واجب على كل الدول العربية والاسلامية وكل الأحرار في العالم لتشكيل قوة ضغط على اسرائيل ومن وراء اسرائيل.



وهنا التمني على كل تلك الدول : يا قوم لديكم سلاح هو أقوى سلاح ضغط في العالم بأسره, وهو سلاح النفط ... المطلوب هو تشكيل ضغط على العالم بأسره لينخرط في عملية البحث عن حل جذري للأزمة يعطي الشعب الفلسطيني حقه, بحيث
لا يعود هناك من دافع للمقاومة المسلحة. الأكيد هو أنه ليس بالامكان قطع امدادات النفط بالكامل لأن ذلك سيسبب أزمة اقتصادية في الدول المعنية نفسها. المطلوب الحد الأدنى من تقليل الانتاج, وتلك الدول تفقه في ذلك أكثر من أي شخص آخر, تقليل الانتاج الى الحد الأدنى الذي يوفر دخلا يؤمن حدا أدنى من الاستمرارية الاقتصادية حتى لو ترافق مع قليل من المعاناة, فهل هناك أسمى من أن نعاني نصف ما يعانيه الشعب المحاصر ان كان ذلك يؤدي الى خلاصه ؟ هذه الخطوة لا بد أنها فعالة, لا سيما ان تمت باتفاق بين جميع الدول النفطية العربية والاسلامية ...
هذا النداء موجه الى كل تلك الدول دون استثناء, وهم يعلمون جيدا أن هناك الكثير مما يمكن فعله. والهدف ليس فقط انهاء هذه الأزمة وانما حل القضية الفلسطينية بالكامل, كفى شرذمة وقعودا وخمولا !! أما بالنسبة للشعوب, فالمحبط هو ألا نرى الا القليل في الشوارع يتظاهرون ويعبرون عن سخطهم.
في النهاية لن أشتم الخاملين, بل تلك أسوأ عادة قد يقوم بها البعض لأن ذلك يهدم دون أن يبني ... ولن أهاجمهم, فذلك لا يغير شيئا من واقع الحال .
هناك فقط كلمة واحدة تقال هنا : ان لم تفعلوا شيئا لنصرة المستضعف فالله أولى بكم.
ليس المطلوب الذهاب الى التهلكة ولا التدخل العسكري ولا أي شيء من هذا القبيل.
المطلوب هو الحزم ...
المطلوب هو الغضب ...
المطلوب هو اظهار النية الطيبة ...
المطلوب هو السعي الفعلي الى السلام, لا الجلوس على طاولة واحدة مع المجرمين في المؤتمرات.
المطلوب هو ..... نصرة الحق, والحق واضح جلي.
والله أولى بكل من لا يفعل ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق