السبت، 8 نوفمبر 2008

خاطبني الأثير

في يوم من أيام الشتاء خاطبني الأثير والرياح كانت تولول. قد كسر صمته أخيرا وأنهى حداده. تكلم بلسان الزمان بصوته الشجي المعهود. خاطبني مواسيا لي في أحزاني, مجددا لي الوعد ومؤكدا في العهد.

"يا مسلم لا تحزن ... لست الأول وقد لا تكون الأخير. قد خلت بشر من قبلك ذاقوا وبال الأمر. فانظر اليهم الآن ... نعم الدار التي يسكنون.
يا مسلم لا تقنط ... لا تقنط من رحمة الله واصبر. فان تناولتك سهام المنافقين فابتسم وأبشر. فبصبرك قد علا شأنك عند الله ونلت بركاته. أما المنافقون فهم يهوون الى أسفل الجحيم ولكن لا يعلمون.
فابتسم ... سلام الله وعذابه آتيان.
وانتظر ... سينقضي الأجل.
يا مسلم ... لطالما خبرت روحك وأبصرت قلبك. فتيقن أن سبيلك هو السبيل ولو كره الكارهون. لطالما نسيت شرور الناس وعفوت عمن أساء دون قصد. ونعم ما فعلت.
فاعلم أني لا أنسى شيئا, بل اني حافظ كل شاردة وواردة. ما تضيع حركة ولا فكرة, ولا عمل ولا نية.
والكل عائدون.
انظر الى الناس يا مسلم ...
منهم المؤمنون قد تناغمت أرواحهم ولو عن بعد وفراق. فمن حظيت منهم بسلام, فاعلم أن الله مجيب دعاءك. أما المنافقون ... فاني أعرفهم جيدا وقد اسودت قلوبهم. لو قدر حقد أحدهم بكتلة لكانت أعظم من كتلة الأرض بألف مرة.
أبصر نفوسهم ... يثقون أنك واهم ويعللون.
لكنهم لم يجدوا بعد ذرائع لأعمالهم ولن يجدوا سوى الكره والحسد. فاصبر ان وعد الله آت.
أما ذاك الذي أتته ملائكة الرحمة في الحلم تدعوه لمواساة المؤمن, فنقض العهد وفسق فقد باء بغضب من الله. سيرمى في صحارى الكون ولن يجد له سميعا ولا مواسيا. وأما الذي حافظ على العهد فبشره بالسلام."

خاطبني الأثير ... ففرحت.
وعدني ... فأبشرت.
ثم تركني مجددا وحيدا في الصحراء.
ظللت مذهولا بكلماته, عاجزا محتارا.
ثم أكملت مشواري أملا ببلوغ الواحة التي سعيت اليها منذ قرون ...
ولا زلت.

كتبت بتاريخ الخميس 14 كانون الأول ديسمبر 2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق