السبت، 8 نوفمبر 2008

أميرة الكون - مقتطفات

يحكى منذ القدم عن أميرة سلبت القلوب وشغلت العقول. قلة هم الذين حظوا منها بنظرة, وأقل هم الذين نعموا بهمسة, وندر الذين فازوا بلمسة.
تربعت على عروش اليونان, لا تنافسها في عظمتها أميرة ولا ملكة. ارتحلت الى مشارق الأرض ومغاربها, ودخلت كل مدينة وقرية. ﺇرتدت أثوابا لا تحصى, ولبست ألف حلية وحلية. عرفت بقاع الأرض وبلادها, وما حظيت أبدا بهوية. عشقت الأقنعة فبانت تارة كلمة, وتارة لوحة.
كثيرا ما سمعت ﺇسمها على ألسنة البشر, وكل مرة كنت أشعر بوقارها وهيبتها. كثيرا ما كرموها, فكلما حطت رحالها في حارة أقيمت على شرفها مأدبات واحتفالات, وتنافس الوجهاء على تقبيل يدها. كثيرا ما تغنوا بها, فكلما جرى ذكرها على مسمع شاعر, نسج لها الأبيات وترنم بالقوافي مادحا جمالها وخصالها.
لكنها ما سألتهم أبدا من ذلك شيئا.
أرادت الكثير من الأشياء الأخرى التي ما كانوا يفقهونها. أرادت أن تسمع لهم ويسمعوا لها, وأن تشكو اليهم ويشكوا اليها. أرادت أن تذكرهم بالذي مضى وتنبههم عن الآتي. أرادت أن تشرح لهم معنى الحياة والموت, والجمال والحب. أرادت أن تفصح لهم أسرار الوجود وخبايا الانسان.
هي أميرة غير كل الأميرات.
انها الحكمة.(...........)
لكن أكثر ما يثير اعجابي هم حاشيتها ورجالاتها. هم رجال قد عاشوا في أزمنة ماضية وشعوب سالفة. رحلوا عن هذه الدنيا, لكن ذكراهم لا تزال منقوشة في فكر كل حالم وثائر.
(..........) من سقراط وأرسطيطوليس وكبار فلاسفة اليونان,
الى طاغور وسائر عظماء الهند والشرق,
الى جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ورفاقهما من شعراء المهجر الذين عصروا قلوبهم في الغربة ليرووا الأقلام الظمآنة من أبناء بلدهم, فاغتربوا في بلاد ما كانوا فيها أبدا منزلة الغرباء, الى شارل بودلير وعمر الخيام والأرواح السديمية الحالمة, الى جان جاك روسو وديكارت وسائر عظماء أوروبا وعلمائها, الى ﺇبن سينا والغزالي, وابن رشد والفارابي وغيرهم من عظماء الفرس والعرب, الى الشيخ محمد عبدو وسانت أوغوستين والعلامة اقبال وحملة الياقوت والمرجان من روحانية وايمان.

كتبت بتاريخ الجمعة 3 تشرين الثاني نوفمبر 2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق